الجودة في التعليم : مفهومها، معاييرها، أهميتها…
شهد العالم تطورا هائلا في المجال المعرفي والتكنولوجي في مجالات الحياة المختلفة، الأمر الذي انعكس بشكل ملحوظ على المجال التربوي في صورة اتجاهات حديثة في التربية والتعليم، كان أبرزها تبني مفهوم الجودة الشاملة في التربية والتعليم, حيث يعنى بهذه الأخيرة مجمل السمات والخصائص التي تتعلق بالخدمة التعليمية التي تستطيع أن تفي باحتياجات الطلاب, وكذا الجهود المبذولة من العاملين في مجال التعليم لرفع المنتج التعليمي, وتحسينه بما يلائم رغبات المستفيدين, وقدراتهم وسماتهم المختلفة.
مفهوم الجودة في التعليم
يعرف بعض المهتمين الجودة في التعليم بأنها ” ما يجعل التعليم متعة وبهجة “, وبطبيعة الحال فإن البهجة والمتعة أمران متغيران أو قابلان للتغير. أي أن الجودة في التعليم هي مجمل السمات والخصائص التي تتعلق بالخدمة التعليمية, وهي تستطيع أن تفي باحتياجات الطلاب, كما تجعل عملية التدريس عملية مفرحة وذات بهجة. أو هي جملة الجهود المبذولة من قبل العاملين في مجال التعليم لرفع وتحسين جودة المنتج التعليمي بما يتناسب مع رغبات المستفيد ومع قدرات وسمات وخصائص وحدة المنتج التعليمي .
وبما أن المستفيدين من عملية التربية والتعليم كثر, والعوامل المتداخلة كثيرة, كما أن العاملين في مجال التعليم كثر, فإنه من الممكن أن نعتمد التعريف الإجرائي التالي للجودة :
مفهوم الجودة في التعليم عبارة عن نظام شامل متكامل يتناول جوانب النظام التعليمي المختلفة من المدخلات والعمليات والمخرجات من أجل تحسين منتجاتها.
معايير الجودة في التعليم
هناك العديد من المعايير التي يتم استخدامها في مجال الجودة في التعليم, ومنها :
- معايير مرتبطة بالطالب : من حيث الانتقاء , ونسبة عدد الطلاب إلى المعلمين ومتوسط الكلفة والخدمات التي تقدم له
- معايير مرتبطة بالمعلمين : من حيث حجم الهيئة التدريسية وكفايتهم ومدى مساهمة المعلمين في خدمة المجتمع واحترام المعلمين لطلابهم
- معايير مرتبطة بالمناهج الدراسية : من حيث أصالة المناهج وجودة مستواها ومحتواها والطريقة والوسائل التعليمية
- معايير مرتبطة بالإدارة المدرسية : من حيث التزام القيادات التعليمية بالجودة والعلاقات الإنسانية الجيدة واختيار الإداريين وتدريبهم
- معايير مرتبطة بالإدارة التعليمية : من حيث التزام القيادات التعليمية بالجودة وتفويض السلطات اللامركزية
- معايير مرتبطة بالإمكانات المادية : من حيث مرونة المبنى المدرسي وقدرته على تحقيق الأهداف ومدى استفادة الطلاب من المكتبة والأجهزة والأدوات وحجم الاعتمادات المالية
- معايير مرتبطة بالعلاقة بين المدرسة والمجتمع : من حيث مدى وفاء المدرسة باحتياجات المجتمع المحيط والمشاركة في حل مشكلاته.
ومن شأن تطبيق معايير جودة التعليم في المدارس أن يحسن من نواتج التعلم، ويرقى بجودة التعلمات بشكل كبير.
أهمية الجودة في التعليم
تتمثل أهمية الجودة في التعليم في عدة فوائد تستلزمها طبيعة العصر وما شهده من تغيرات بما في ذلك :
- تحسين نوعية الخدمات التعليمية المقدمة للطلبة باستمرار مما يزيد من دافعيتهم نحو التعلم والاكتساب المعرفي
- رفع مستوى الأداء عند العاملين في المدرسة
- تخفيض تكاليف الخدمة التعليمية من خلال تطبيق نظام الجودة في الانفاق والعمليات أو طريقة تقديم الخدمة
- زيادة قدرة المؤسسة التعليمية على منافسة غيرها من المؤسسات
- تحسين طرائق التدريس وتطويرها
- توفير القدرة على الابداع لدى جميع العاملين في المؤسسة
- تقليل الأخطاء أو منع حدوثها في العملية التعليمية
- تطوير المهارات القيادية والإدارية لقيادة المؤسسة التعليمية
- تحقيق إنتاجية عالية
- تؤدي إلى تكوين أنظمة لتحقيق أداء جيد في جميع مجالات عمل المؤسسة التعليمية
- تحدد بوضوح مسؤولية الأفراد والأقسام في المؤسسة التعليمية
- تسهم في رفع أداء العاملين والطلبة
- تؤدي إلى الترابط والتكامل بين المشرفين والعاملين في المؤسسة التعليمية
- تؤدي إلى خلق بيئة تدعم التطوير المستمر والمحافظة عليه
- تسهم في زيادة نسبة تحقيق الأهداف .
أهداف الجودة في التعليم
مبادئ الجودة الشاملة في التعليم
تقوم الجودة الشاملة في التعليم على مجموعة من المبادئ الأساسية التي تنبني عليها ولعل من أبرزها ما يلي :
- التشديد على الطالب ومتطلباته في عملية التخطيط للخدمة التعليمية وتنفيذها, كذلك التشديد على حاجات المجتمع ومؤسساته وما تريده من متطلبات ينبغي أن يتحصل عليها الطالب في المؤسسة التعليمية وهذا يعني أن جودة المدرسة تقاس بمدى إشباعها حاجات الطلبة والمجتمع.
- التشديد على تحسين العمليات والنتائج معا فضلا عن المدخلات بوصفها تشكل عناصر لنظام الجودة يؤثر أحدها في الآخر, وهذا يعني التشديد على إيجاد الحلول بشكل مستمرلأية مشكلة
مجالات الجودة الشاملة في التعليم
تنبني الجودة الشاملة في التعليم على مجالات تطبيق محددة تشتمل على ما يأتي :
مدخلات الموقف التعليمي
- وتشمل هذه المدخلات ما يلي :
- المعلم: وما يتصل به من صفات مثل العمر , والجنس والخصائص النفيسة أو الاجتماعية وتأهيله …
- المتعلم: وما يتصل به من صفات وخصائص مثل العمر, الجنس, القدرات, والخلفية الاجتماعية والقيمية, وحالته الاقتصادية, ومستوى دافعيته ….
- المادة أو الموضوع المراد تدريسه من حيث الجوهر, ومستوى الصعوبة , ودرجة أهميته , وصلته بحاجات المتعلم والكتاب المدرسي
- بيئة التعلم وصفاتها مثل : حجم المدرسة وغرفة الدراسة وأثاثها ومستوى استيعابها وكثرة التلاميذ فيها وموقعها الجغرافي والعوامل الخارجية المؤثرة في سير التدريس في تلك البيئة.
العمليات الإجرائية :
- وتشمل كل ما يفعله المدرس للقيام بالتدريس, مثل : تحديد أهداف التدريس وصياغتها والطرائق أوالأساليب المستخدمة في التدريس وما يتصل به من حماس المعلم ووضوح العرض واسعمال الأسئلة الصفية والتعزيز …
مخرجات التدريس :
وتشمل المتغيرات التي تم التخطيط لإحداثها في نهاية عملية التعلم , أي أنها تشمل نواتج العملية التعليمية التي يسعى المعلم إلى تحقيقها “
مؤشرات الجودة في التعليم
إن الجودة في التعليم أو جودة المدرسة قد تعني معان مختلفة بالنسبة للأشخاص المختلفين . ولذلك قبل أن نطالب المدرسة بتحقيق الجودة في المناهج, أو أساليب التدريس, أو التعلم, أو التقويم , لابد من تعريف معنى الجودة في المدارس وماذا نقصد بها.
تمثل المؤشرات التالية ماتراه رابطة مديري المدراس الإبتدائية في أمريكا أنه تعريف لمعنى الجودة في المدارس , فإذا توفرت هذه المؤشرات في المدارس فهي دليل على توفر عناصر الجودة فيها . لكن هذا لا يعني عدم وجود عناصر أخرى للجودة يمكن إضافتها للعناصر الستة التالية:
كيفية تطبيق الجودة الشاملة في المدرسة
تشمل مراحل التطبيق في قطاع التعليم الآتي :
- التقييم : ويتم في هذه المرحلة التعرف إلى الوضع القائم في المدرسة من حيث الإمكانيات المادية والبشرية والطريقة التي يطبق بها النظام التعليمي ونتائج التحصيل.
- تطوير وتوثيق نظام الجودة .
- تطبيق نظام الجودة .
- إعداد برنامج التدريب .
- التدريب .
- المراجعة الداخلية .
- المراجعة الخارجية .
- الترخيص .
معوقات تطبيق الجودة في المدارس
حدد ديمنج العقبات التي تحول دون تحقيق إدارة الجودة الشاملة على النحو التالي:
- تعجل الحصول على النتائج دون بذل الجهود اللازمة لتحقيق الجودة.
- التدريس غير الواعي للأساليب الإحصائية مما يترتب عليه الاستخدام غير السليم في تحليل البيانات وبالتالي الحصول على نتائج مضللة.
- انتشار البرامج الإحصائية الجاهزة وتعددها واستخدامها دون وعي كاف مما يؤدي إلى نتائج غير سليمة.
- الاعتقاد بأن أجهزة الحاسب الآلى تؤدي إلى تحسين الجودة.
- انخفاض المستوى التعليمي للعاملين وانخفاض مستوى مهاراتهم.
- تخصيص قسم مسؤول عن رقابة الجودة يحول دون تحقيق مبدأ مسؤولية الجميع عن جودة المنتجات والخدمات.
ملخص
ختاما، تعتبر معايير الجودة في التعليم محورا أساسيا من أجل تحسين فعالية العملية التعليمية. إذ يتمثل مفهوم الجودة في التعليم في تحقيق مستوى عال من التميز والفاعلية في تقديم المعرفة. كما يسعى نظام الجودة في التعليم إلى تحقيق الجودة الشاملة، مركزا على معايير الجودة في المدارس وضمان تحقيق الأهداف المرسومة. وتتنوع مجالات الجودة في التعليم لتشمل جوانب مثل جودة المناهج، وكفاءة المعلمين، والبيئة التعليمية.
إن تحقيق أهداف الجودة في التعليم يحمل أهمية كبيرة، حيث يسهم في تأهيل الطلاب وتطويرهم ليصبحوا فاعلين في المجتمع. لذا، يجب تطبيق نظام الجودة في التعليم من أجل ضمان التقدم المستمر وتحسين تجربة التعلم.