استراتيجيات التعلم : تعريفها، عناصرها وأنواعها
تعد استراتيجيات التعلم وطرق التعليم من أهم العوامل المؤثرة في نجاح التعليم وتحقيق جودته، وهو ما يتطلب التحديد الدقيق لهذه الاستراتيجيات وربطها بنواتج التعلم. والنجاح في التدريس يتطلب أن يكون المدرس ملما باستراتيجيات التعليم والتعلم المختلفة، وقادرا على اختيار واستخدام الاستراتيجية المناسبة والمساعدة على تحقيق نواتج التعلم المتوخاة.
فمن المهم التركيز على اختيار استراتيجيات تقود إلى التعلم النشط، وتؤكد على دور وفعالية المتعلم، وتعمل على إثارة دافعيته للمشاركة الإيجابية واهتمامه بالتحصيل الدراسي.
وتتعدد استراتيجيات التعليم والتعلم، كما تختلف من برنامج تعليمي لآخر، ومن مقرر لآخر نتيجة لاختلاف طبيعة البرامج والمقررات واختلاف نواتج تعلمها.
ويحاول هذا المقال تقديم عرض لأبرز استراتيجيات التعليم والتعلم، وأكثرها استخداما.
الاستراتيجيات التعليمية Teaching Strategies
استراتيجيات التعليم هي مجموعة الأنشطة أو الآليات التي يستخدمها المعلم (العرض – التنسيق – التدريب – النقاش) بهدف تحقيق أهداف تدريسية محددة مسبقاً. وهي تشتمل على مكونين هما: الطريقة methodology والإجراء procedure، واللذان يشكلان معا خطة كلية لتدريس درس معين أو وحدة دراسية أو مقرر دراسي.
وتعرفها الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد (2009) بأنها : الاستراتيجيات المستخدمة من قبل المدرس لتطوير تعليم المتعلمين.
وهكذا يمكن تعريف استراتيجيات التعليم أو التدريس بأنها “مجموعة القواعد العامة والخطوط العريضة التي تهتم بوسائل تحقيق الأهداف المنشودة للتدريس. وتشير إلى الأساليب والخطط التي يتبعها المعلم للوصول إلى أهداف التعلم“.
من أهم شروط ضمان جودة استراتيجيات التعليم أو التدريس، اتصافها بما يلي:
- الشمول: أي أن تتضمن كل المواقف والاحتمالات المتوقعة؛
- دقة التخطيط: أي أن يتم تخطيط الانشطة بدقة؛
- ارتباطها بالأهداف: أي أن يحقق المتعلم الاهداف المنشودة؛
- أن تؤدي الاستراتيجية إلى نمو متتابع وتطور مستمر؛
- أن تكون طويلة المدى؛
- أن يتوافر الوقت الكافي والمكان المناسب.
ماذا تعني استراتيجيات التعلم Learning Strategies ؟
عمل كثير من العلماء والباحثين في مجال التربية على وضع مفهوم إستراتيجية التعلم، وعلى الرغم من اختلاف تناولهم للمصطلح فإن أغلب التعريفات تشير إلى طرق معالجة المتعلم للمعلومات.
وقد عرفها جابر عبد الحميد (1999) بأنها: “ أنماط سلوكية، وعمليات التفكير التي يستخدمها التلاميذ والتي تؤثر فيما تم تعلمه، بما في ذلك الذاكرة والعمليات الميتامعرفية”.
ويعرفها قطامي (2001) بأنها: “جملة من الأساليب أو الطرق أو المبادئ والقواعد المتداخلة في مواقف التعلم “.
فاستراتيجيات التعلم إذن هي ” عمليات التفكير والسلوكيات والإجراءات التي ينخرط فيها المتعلم، والتي تهدف إلى التأثير على الكيفية التي يتمكن بها من معالجة المعلومات وتعلم المهام المختلفة”.
وبشكل أكثر اختصارا يمكن اعتبار استراتيجيات التعلم تلك الأفكار والإجراءات التي يستخدمها المتعلم لإكمال تعلم المهـام.
عناصر ومكونات استراتيجيات التعلم
هناك أربعة عناصر أساسية تمثل الدعائم المهمة لاستراتيجيات التعلم، تتمثل في الحديث والإصغاء، والقراءة، والكتابة، والتفكير، والتأمل. وتتطلب هذه العناصر الأربعة أنشطة معرفية مختلفة، تسمح للمتعلمين بتوضيح بعض الأمور وطرح الأسئلة واكتشاف المعرفة الجديدة المناسبة ودعمها.
أولا: الحديث والإصغاء
يعد الحديث والإصغاء عنصرا رئيسيا في العملية التعليمية التعلمية، فالمتعلمون ينخرطون في الكثير من النقاش والحديث، ويشكل الحديث مجموعة كبيرة من الأفكار التي تدور في العقول. كما يتطلب الحديث إنصاتا وإصغاء من الطرف الآخر، مما يسهم في ربط الأفكار بشكل جيد، ويسمح بالعمل على تنظيم خطوات التفكير.
ثانيا: الكتابة
توضح الكتابة ما يفكر به الفرد، هي تعمل على اكتشاف الأفكار والتوسع بها، وهي تدعم عملية التعلم النشط من خلال تحليل أفكار المتعلمين، والعمل على تنميتها وتطويرها.
ثالثا: القراءة
تتطلب القراءة فهم ما يفكر به الآخرون، وهي تشكل أساس العملية التعليمية التعلمية. ولتحقيق التعلم النشط، فإنه لابد للمتعلمين من القراءة الناقدة التي تتطلب عملية إمعان النظر بدقة وتجميع الأفكار وربطها ببعض، وتلخيص المعلومات، وفهم المقروء مع تحديد الأولويات.
رابعا: التفكير والتأمل
التفكير والتأمل في فترات الهدوء التي يقضيها الطلبة في التفكير العميق بما يدور حولهم، وبالمادة الأكاديمية المطروحة، تساعد الطلبة على فرز المعلومات وتصنيفها وفهمها بعمق.
أنواع استراتيجيات التعلم
نظرا لأن عملية التعلم من العمليات المعقدة التي تتطلب إدراك المتعلم للمهارات اللازمة لتحقيق النجاح فيها، تزايد الاهتمام بالمهارات الدراسية وعادات الاستذكار واستراتيجيات التعلم، وذلك في ضوء تفعيل دور المتعلم في عملية التعلم من جهة، وازدياد تعقيد المهمات التعليمية مع تقدم المراحل الدراسية من جهة أخرى.
والغرض الرئيس من استراتيجيات التعلم هو الاعتماد على النفس في التعلم. ويمكن تصنيف استراتيجيات التعلم إلى ثلاثة أصناف رئيسية حسب ما ورد في تصنيف O’malley & Chamot 1990 ) هي : استراتيجيات التعلم المعرفية واستراتيجيات التعلم فوق المعرفية:
الاستراتيجيات المعرفيـة : (Cognitive Strategies)
وتهـتم بتحليـل الـنص أو الموضوع المراد دراسته، ومن أمثلتها: التسميع (Rehearing)التوضيح أو التفصيل، (Elaboration) التنظيم(Organization) .
الاستراتيجيات فوق المعرفيـة (Meta Cognitive Strategies )
وتهـتم بـإدارة عملية التعلم مثل: الانتباه الانتقائي علي جزء معين من النص، ومراقبة الفهم أو ضـبط الاستيعاب (Comprehension Monitoring)وتقويم ما تم تعلمه أو التقويم الـذاتي.(Self Evaluation)
الاستراتيجيات الاجتماعية أو الوجدانية: (Social – Affective Strategies )
وتهتم بالتفاعل ما بين المتعلم والآخرين مثل: التعاون مع الآخرين لحل مشكلة ما، المناقـشة والحوار مع الذات.
كيف استخدم استراتيجيات التعلم؟
تستخدم استراتيجيات التعلم لتحسين التعلم، والمتعلمـون يـستخدمون بالفعـل كثيـرا مـن استراتيجيات التعلم خلال تعلمهم لمختلف المواد، وأحياناً لا يكون المتعلم واعيا بما يفعله، فلا يكون على علم بأن ما يستخدمه لتحسين تعلمه أو تذكره هو فعلا إستراتيجية تعلـم، ولذلك فهو لا يكون قادرا على تنمية هذه الاستراتيجيات أو استخدام المناسب منها. وهنا يظهر دور المعلم في كيفية تنمية استراتيجيات تعلم طلابه، وجعلهم على دراية بما يفعلون، وجعلهم يستخدمون استراتيجيات التعلم الأكثر ملاءمة لمهمة التعلم التي هم بصددها.
فمن أهم دلائل جودة المعلم قدرته على اختيار واستخدام استراتيجية التدريس التـي تحقق أهداف الدرس ومحتواه من ناحية، وتتلاءم واحتياجات تلاميذه من ناحية أخري. فميدان التربية يعج بإستراتيجيات عديدة ومتنوعة، قد تتداخل فيما بينها، وقد يتشابه البعض منها في تنفيذ بعض الإجراءات، لذا فإن المعلم الجيد هو القادر على تطبيق مزيج من هذه الاستراتيجيات معا، أو اختيار واستخدام إحداها تبعا لطبيعة ومحتوى الدرس من جهة، ولحاجيات واحتياجات متعلميه من جهة أخرى.
استراتيجيات التعلم النشط
يعرف كل من (Felder & Brent, 1997) التعلم النشط على أنه عملية إشغال الطلبة بشكل نشط ومباشر في عملية التعلم ولا سيما من حيث القراءة والكتابة والتفكير والتأمل، حيث يقومون بعمليات المشاركة والتطبيق بدلاً من الاقتصار على عملية استقبال المعلومات بأشكالها المختلفة.
أما (أحمد السيد، 2007) فيعرفه كطريقة تدريس تشرك المتعلمين في عمل أشياء تجبرهم على التفكير فيما يتعلمونه.
واستراتيجيات التعلـم النشـط هي طـرق التعلـم التـي تركـز علـى ضمـان قيـام المتعلميـن بـدور فعـال فـي عمليـة التعلـم بـدلا مـن تلقـي المعلومـات بشـكل سـلبي.
يمكن استخدام التعلم النشط لتحفيز المتعلمين على المشاركة عبر:
- التفكير بشكل ناقد وإبداعي مبتكر؛
- التحدث مع شريك أو في مجموعة صغيرة؛
- التعبير عن الافكار بأنشطة خطية؛
- استكشاف المواقف الشخصية والقيم عبر المناظرات والجدال والمناقشة؛
- التأمل بالعملية التعلمية.
ومن أبرز استراتيجيات التعلم النشط حسب (أحمد السيد، 2007):
- التعلم التعاوني؛
- التعليم بالقرين؛
- حل المشكلات؛
- العصف الذهني والمناقشة؛
- التعلم الذاتي؛
- الألعاب التعليمية؛
- تمثيل الدور؛
- مسرحة المناهج؛
- التعلم البنائي؛
- إستراتيجيات الذكاءات المتعددة؛
- الاكتشاف الحر، والاكتشاف الموجه.
وفيما يلي نستعرض أمثلة عن هذه الاستراتيجيات:
استراتيجيات التعلم التعاوني : Strategie Cooperative Learning
التعلم التعاوني من استراتيجيات التدريس المتمركزة على جهد المتعلم، وإحدى استراتيجيات التعلم النشط، تعمل فيها مجموعات صغيرة متعاونة من المتعلمين ذوي مستويات أداء مختلفة يمارسون فيها مسؤوليات فردية وجماعية وتنافسية ومهارية عقلية وعملية، وذلك لتحقيق أهداف مشتركة، وتضم كل مجموعة ما بين3 إلى5 متعلمين، ويقوم المعلم بتيسير عملية التعلم عن طريق الإرشاد والتوجه، وبتقييم الأطفال بصـورة فـردية وجماعية.
ويؤكد الكثير من الباحثين المهتمين بالتعليم على الفاعلية العالية للتعلم التعاوني، فـالتعلم التعاوني يزيد من دافعية المتعلمين وقدرتهم علي التفكير الناقد، فمن خلال التأكيد علـى عمـل الفريقTeamwork، حيث يقدم خطوة أبعد من خلال أخذ العلاقات الاجتماعية بـين المتعلمين بعين الاعتبار واستدامتها في تحفيز التعلم.
وتتأسس استراتيجية التعلم التعاوني على مجموعة أسس، من أهمها:
- الاعتماد الايجابي المتبادل؛
- التفاعل المشجع وجها لوجه؛
- المحاسبة، أو المسئولية الفردية؛
- مهارات التفاعل الاجتماعي؛
- المعالجة الاجتماعية.
استراتيجية المناقشة:
هي من الاستراتيجيات اللفظية ويمكن تعريف طريقة المناقشة على أنها حوار منظم يعتمد علـي تبـادل الآراء والأفكار، وتبادل الخبرات بين المتعلمين تحت إشراف وتوجيه المعلم داخل قاعة الدرس، فهي تهدف إلي تنمية مهارات التفكيـر لدى المتعلمين، من خلال الأدلة التي يقدمها المتعلم لدعم الاستجابات أثناء المناقشة، وقد تستخدم المناقشة كاستراتيجية مستقلة، أو كجـزء مـن معظـم الاسـتراتيجيات التدريسية الأخرى.
خطوات تنفيذ إستراتيجية المناقشة:
- يحدد المعلم أهداف المناقشة؛
- يقسم المعلم موضوع المناقشة إلى عدة أفكار (عناصر)فرعية بتحليل محتوي الكتاب المقرر، ودليل المعلم، وكراسة التدريبات والأنشطة؛
- يطرح المعلم الأسئلة على المتعلمين، مع الاتفاق معهم على قواعد المناقشة؛
- يناقش المتعلمون كل عنصر على حدة في ضوء الأسئلة المطروحة؛
- يلخص المتعلمون ما تم التوصل إليه مع ربط الأفكار والمفاهيم؛
- يستخلص المتعلمون الاستنتاجات والتوصيات، في ضوء عناصر المناقشة؛
استراتيجية العصف الذهني:
هي خطة تدريبية، تعتمد علي استثارة أفكار المتعلمين والتفاعل معهم، انطلاقـا من خلفيتهم العلمية، حيث يعمل كل متعلم كعامل محفز لأفكار المتعلمـين الآخـرين، ومنشط لهم أثناء إعداد المتعلمين لقراءة أو مناقشة أو كتابة موضوع ما وذلـك فـي وجود موجه لمسار التفكير، وهو المعلم.
أهمية إستراتيجية العصف الذهني:
- تنمية الميول الابتكارية للمشكلات حيث تساعد المتعلمين على الإبداع والابتكار؛
- إثارة اهتمام المتعلمين وتفكيرهم؛
- تأكيد المفاهيم الرئيسية للدرس؛
- تحديد مدي فهمهم للمفاهيم وتعرف مدي استعدادهم للانتقال إلى نقطة أكثر تعمقاً؛
- توضيح نقاط واستخلاص أفكار، أو تلخيص موضوعات؛
- تهيئة المتعلمين لتعلم درس لاحق.
استراتيجية لعب الأدوار:
هي إحدى استراتيجيات التدريس التي تعتمد على محاكاة موقف واقعي، يتقمص فيه كل متعلم من المشاركين في النشاط أحد الأدوار، ويتفاعل مع الآخـرين في حدود علاقة دوره بأدوارهم وقد يتقمص المتعلم دور شخص أو شيء آخر.
مميزات لعب الأدوار:
- إعطاء الفرصة لظهور المشاعر والانفعالات الحقيقية؛
- زيادة الحساسية والوعي بمشاعر الأخرين وتقبلها؛
- اكتساب مهارات سلوكية واجتماعية؛
- تشجيع روح التلقائية لدى المتعلمين؛
- عرض مواقف محتملة الحدوث؛
- سهولة استيعاب المادة التعليمية.
استراتيجية حل المشكلات
هي خطة تدريسية تتيح للمتعلم الفرصة للتفكير العلمي، حيـث يتحـدى التلاميـذ مشكلات معينة فيخططون لمعالجتها وبحثها، ويجمعون البيانات وينظمونها ويستخلـصون منها استنتاجاتهم الخاصة.
خطوات حل المشكلات:
- تحديد المشكلة؛
- جمع البيانات عن المشكلة؛
- اقتراح الحلول للمشكلة (فرض الفروض (؛
- مناقشة الحلول المقترحة؛
- التوصل الي الحل الامثل للمشكلة (الاستنتاج (؛
- تطبيق الاستنتاجات والتعميمات في مواقف جديدة.
استراتيجية الألعاب التعليمية
تعرف إستراتيجية الألعاب التعليمية على أنها: مجموعة من الأنشطة التعليمية العقلية أو البدنية، يقوـم بها المتعلمون تحت إشراف وتوجيه المعلم، وفي ضوء مجموعة من القواعد والتعليمات الواضحة والمحددة التي توضح خطوات سير اللعبة ومحددات الفوز فيها، وذلك بهدف تحقيق غاية تعليمية أو تربوية محددة.
وتتحدد مراحل إستراتيجية الألعاب التعليمية في الخطوات الآتية:
- اختيار اللعبة
- تصميم اللعبة
- تقديم اللعبة
- توزيع الأدوار
- الملاحظة والتسجيل
- تقويم اللعبة.
استراتيجية فكر-زاوج-شارك Think-pair-share:
تعتبر استراتيجية (فكر- زاوج- شارك) من استراتيجيات التعلم التعاوني الحديثة، وهي تركيبة صغيرة للتعلم التعاوني النشط، وضعها (Frank Lyman, 1981) ثم طورها مع أعوانه في جامعة (Mary Land, 1985) الأميركية، وهي عبارة عن نشاط لتقييم معرفة وفهم الطالب لموضوع أو مفهوم ما. يتيح للطالب الفرصة للتحدث مع أقرانه والوقوف على أفكارهم. وتتميز هذه الاستراتيجية بأنها تعطي الطالب فرصة للتأمل داخليا مع نفسه، وخارجيا مع زملائه، والتفكير والمراجعة قبل الإجابة، ومن ثم التعاون والمشاركة في الأفكار والحل. وتستخدم عقب قيام المعلم بشرح وعرض معلومات أو للتركيز على مهارات معينة للطلاب.
يمكن كذلك الاطلاع على شرح استراتيجية الدقيقة الواحدة من خلال هذا المقال الذي نشرناه سابقا .
استراتيجية التعلم الذاتي أو التعلــم الفــردي: Individualistic Learning
التعلـم الذاتـي يعد من استراتيجيات التدريس المتمركزة على جهد المتعلم، وهـو التعلـم الـذي يبـدأه المتعلـم بنفسـه. ويمكـن أيضا تسمية التعلـم الموجـه ذاتيـا أو التعلــم المســتقل أو التعلــم الفــردي. ولكــن مهمــا كان المصطلــح الــذي نســتخدمه، فــإن التعلــم الذاتـي يضـع مسـؤولية التعلـم مباشـرة علـى عاتـق المتعلـم.
ويعرفه جونسون وجونسون (Johnson & Johnson , 1994) حسب ما أورده (رضا مسعد، 2003) بأنه: “استقلال التلاميذ في عملهم عن بعضهم، معتمدين على أنفسهم في إنجاز المهمة الموكلة إليهم ”
فالتعلم الذاتي كان وما يزال يلقى اهتماما كبيرا من علماء النفس والتربيـة باعتبـاره أسلوب التعلم الأفضل، لأنه يحقق لكل تلميذ تعلما يتناسب مع قدراته وسرعته الذاتية في التعلم، ويعتمد على دافعية التلميذ للتعلم.
ولإنجاح استراتيجية التعلم الذاتي، يجب أن تثار دافعية التلميذ لإنجاز المهمة الموكلة إليه في ضوء قدرته الخاصة، ودور المعلم هنا يتلخص في ترتيب الصف بشكل يجنب التلاميذ تشتت الانتباه، مع ضرورة تزويد التلميذ بالمهارات الضرورية للتعلم الذاتي أي تعليمه كيف يتعلم، ومـن بينها:
- مهارة المشاركة بالرأي؛
- مهارة التقويم الذاتي؛
- التقدير للتعاون؛
- الاستفادة من التسهيلات المتوفرة في البيئة المحلية؛
- الاستعداد للتعلم.
خصائص استراتيجية التعلم الذاتي:
(الدليمي، 2012).
- مراعات الفروق الفردية بين المتعلمين؛
- الضبط والتحكم في مستوى إتقان المهارات الحركية؛
- تحمل المتعلم المسؤولية في اتخاذ القرار؛
- توفير التغذية الراجعة للمتعلم؛
- التقويم الذاتي للمتعلم؛
- التنوع في البدائل والأنشطة والاستراتيجيات؛
- انخفاض كلفته وتوفره وسهولة الحصول عليه؛
- لا يجب على المتعلم الارتباط بزمان أو مكان عملية التعلم الحركي؛
- حرية اختيار آلية التعلم وترتيب المواد التعليمية.
استراتيجية جدول التعلم:
استراتيجية K.W.L(ماذا أعرف؟، ماذا أريد أن أتعلم؟، مـاذا تعلمـت؟) هي من استراتيجيات ما وراء المعرفة، ولها عدة مسميات منها: الجدول الذاتي، الجدول الفهمي، المخطط العقلي، خرائط المعرفة، إستراتيجية تنشيط المعرفة السابقة، التنظيمات المعرفية.
استراتيجية K.W.L اســتراتيجية جديــدة يســتخدمها المعلمــون لتنشــيط تفكيــر المتعلمين فــي موضــوع الــدرس قبــل أن يحــدث التعليم الجديد. وتعد K.W.L من أهم استراتيجيات التدريس الحديثة، تهدف إلى مساعدة المتعلمين على بناء معرفة ذات معنى، وتطبيق معرفتهم السابقة من أجل فهم المحتوى وتوظيفه بشكل ينسجم مع البناء المعرفي للمتعلم مما يؤدي إلى ترتيب الأفكار، وتقنين جهود المتعلم في الدراسة والبحث.
وتتألف استراتيجية K.W.L من ثلاثة أعمدة هي:
- What I Know ?:K ويقصد بها: ماذا أعرف ؟ وهي ُخطوة غاية في الأهمية لفهم الموضوع الجديد وانجاز المهام، فالمتعلم مدعو لمعرفة إمكاناته حتى يتمكن من استثمارها على أحسن وجه.
- What I Want to Learn? : W ويقصد بها: ماذا أريد أن أتعلم ؟ وهي مرحلة تحديد المهمة المتوقع إنجازها أو المشكلة التي ينبغي حلها
- What I learned ? : L ويقصد بها : ماذا تعلمت؟ وهي مرحلة تقويم ما سبق التطرق إليه من معارف ومهام وأنشطة، ومعرفة مدى تحقق الأهداف. وهي مرحلة ايضا لاكتساب المفاهيم الصحيحة.
ويرى كل من مجدي عزيز إبراهيم (2005م)، وبيرز (2008م (perez, أن استراتيجية K.W.L استراتيجية واسعة الاستخدام تتضمن العصف الذهني، والتصنيف، وإثارة الأسئلة، والقراءة الموجهة. وتهدف إلى أن يحدد المتعلم ما يعرفه من معلومات حول الموضوع، وجعلها نقطة ارتكاز لربطها بالمعلومات الجديدة التي يسعى لتعلمها. وفى النهاية يبحث عن إجابات للأسئلة التي قام بوضعها بمفرده أو مع مجموعة من المتعلمين وذلك باستخدام مخطط K.W.L.
خطوات استراتيجية جدول التعلم:
حدد عطية (،2009) خطـوات استراتيجية K.W.L في المراحل التالية:
- مرحلة الإعلان عن الموضوع وأبعاده العامة؛
- مرحلة عرض جدول العمل؛
- مرحلة تحديد ما يراد تعلمه؛
- مرحلـة التقويم؛
- مرحلة تأكيد التعلم.
استراتيجيات التعلم الحديثة:
يعرف عصرنا الحالي تقدما كبيرا في المجالات المعرفية، والعلمية، والتقنية. ولضمان مسايرة هذا التوسع المعرفي والتطور العلمي والتوظيف التقني، انتقل دور منظومة التربية والتعليم إلى تنمية التلميذ فـي الجانـب المعرفي والمهاري، وذلك بأساليب وطرق تدريس وتعلم حديثة، تغـرس فـي التلميـذ توظيـف التكنولوجيا في الحياة اليومية. ولا يختلف اثنان حول كون التكنولوجيا قد نقلت التدريس نقلة نوعية نحو الأفـضل، ومـن بـين الأجهزة التي ساعدت في ذلك الحاسوب الذي ساهم بأشكال متعددة من استراتيجيات التدريس الالكتروني باعتبارها استراتيجيات تعلم حديثة منها:
الألعاب التعليمية Educational games
وهي أسلوب يهدف إلى تدريس بعض المعلومات والمهارات للتلاميذ من خـلال إجراء منافسة بين متعلم وآخر، أو بـين المتعلم والبرنـامج، ويقتصر دور المدرس فيها على إبداء بعض الملاحظات والتوجيهات.
بيئة حل المشكلات Problem Solving Exploratory Environments
تركز برامج الحاسوب في هذا الأسلوب على البحث والتقصي بطـرح الأسـئلة المتدرجة للتلاميذ للتوصل إلى مفهوم معين ويتميز هذا الأسلوب بتمركزه حول التلميذ، مع مشاركة المدرس.
المحاكاة Simulations
يحتــوي البرنــامج فــي هــذا الأســلوب علــي نمــاذج Models أو محاكاة Simulations لعمليات معينة، وتقدم برامج الترميزات عادة مواقف حقيقـة أو قريبة من الواقع تجعل التلاميذ يتعلمون بالخبرة المحسوسة.
التدريب والممارسة٤ Drill and Practice
يصمم البرنامج التعليمي في هذا الأسلوب بشكل يدعم التدريس العادي في الفصل الدراسي، كما تجعل برامج التدريب والممارسة المادة العلمية مألوفة لـدى التلاميـذ، وتساعد في إنماء قدرة الاستدعاء الآلي للمعلومـات، وإتقـان المهـارات الرياضـية والهجائية والمهنية، كما تدربهم على تطبيق المبادئ أو المفاهيم.
التدريس الكامل: Tuition
يعمل الحاسوب في هذا الأسلوب كمدرس خصوصي Tutorسواء لكـل مـتعلم بمفرده أم لكل مجموعة من التلاميذ، وتصميم برامج التدريس الكامـل Tutorialبحيث تمر بالخطوات الأساسية لعملية التدريس، إضـافة لميـزات بـرامج التدريب والممارسة.
التدريس بالحاسوب (ذو الوسائط المتعددة) : CAI with Multimedia
مع ظهور وسائط تخزين عالية السعة مثل أسـطوانات الفيـديوVideo Discs، والاسطوانات المدمجة CD-ROMS، أمكن التدريس بالوسـائط المتعـددة بواسـطة الحاسوب، وبذلك تم عرض المعلومات للتلاميذ باستخدام نـصوص مكتوبـة وصـور ورسوم ثابتة ومتحركة مع الصوت والألوان، ومع نظام Windows للتـشغيل أمكن تجميع عدد من الوسائط في نظام واحد، فضلا عن تميزه بمجموعة برامج إضافية لمـساندة الوسائط المتعددة.
هل تنوع الاستراتيجيات مفيد للتلاميذ؟
وهل هناك استراتيجية واحدة تناسب الجميع للتعليم؟
يجمع علماء التربية على أن ليس هناك استراتيجية واحدة تناسب الجميع للتعليم والتعلم، بالنظر إلى أن تلاميذ الفصل الواحد يشكلون مجموعة غير متجانسة معرفيا ومهاريا واجتماعيا وانفعاليا، وينتمون لمستويات أداء مختلفة. لذلك فتنوع الاستراتيجيات مفيد جدا للتلاميذ، بل أصبح لزاما تنويع الاستراتيجيات المعتمدة بالنظر إلى وجود فوارق فردية ملحوظة ودالة بين التلاميذ.
وقد بات التمكن من المواد الأساسية مع امتلاك مهارات القرن الحادي والعشرين؛ من أهم مواصفات المتعلم في هذا العصر. ونتيجة لذلك، أصبح لزاما على النظم التربوية، أن تواكب هذه المتطلبات، عبر إجراء تغيير جذري في طرق واستراتيجيات التعليم والتعلم. فأساليب التعليم والتعلم التقليدية لا تصلح لتكوين متعلم القرن الحادي والعشرين. ومن هنا لا بد من تبني أفضل الممارسات التربوية عبر تشجيع اعتماد استراتيجيات التعلم النشط، والانفتاح أكثر على استراتيجيات التعلم الحديثة، مع العمل على تنويع استراتيجيات التعليم والتعلم داخل الفصول الدراسية.
المراجع:
- سلامي، مروة. (.2018) الفروق في إستراتيجيات التعلم لدى التلاميذ مرتفعي ومنخفضي الدافعية للإنجاز، رسالة ماجستير، جامعة محمد خيضر، بسكرة.
- بن نويوة، سعيد (2020) استراتيجية التعلم التعاوني ( فكر- زاوج- شارك ) وأهميتها في العملية التعليمية، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، عدد12(02)/ 2020.
- فاوور، بسمة (2012)، التعلم النشط: استراتيجيات التعلم النشط. mwlana.com
- عبد السلام، محمد (2021)، استراتيجيات التعلم النشط، مكتبة نور.
- شمس الدين، عالية عادل. (162) أثر برنامج تعليمي باستخدام إستراتيجية K.W.Lعلى التحصيل المعرفي ومستوى الأداء في التعبير الحركي الشعبي، المجلة العلمية للتربية البدنية وعلوم الرياضة العدد (48) الجزء ( 1)شتنبر 2018م.
- استراتيجيات التعلم والتعليم والتقويم، كتيب رقم 3، ـ1435 – 1434ه.
- استراتيجيات التعليم والتعلم بجامعة الملك عبد العزيز: إرشادات ونصائح لأعضاء هيئة التدريس، وكالة الجامعة للشؤون التعليمية، جامعة الملك عبد العزيز، 2021/ هـ1443.